لاتفيا تُطلق إنذاراً أمنياً: «السائح المتقشف» قد يكون جاسوساً روسياً

في تحذير أمني يعكس تصاعد المخاوف الإقليمية من الأنشطة الاستخباراتية الروسية، دعت وكالة الاستخبارات والدفاع والأمن في لاتفيا مواطنيها إلى توخي الحذر من أشخاص قد يظهرون بمظهر المتنزهين أو الرياضيين المتجولين، مشيرة إلى احتمال أن يكون بعضهم جواسيس أو مخربين تابعين لموسكو. وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز».
جاء التحذير ضمن التقييم السنوي للوكالة بشأن التهديدات الأمنية، والذي تضمن تحليلاً لمستجدات الحرب الروسية على أوكرانيا، والطموحات الجيوسياسية المتزايدة للصين، بالإضافة إلى تحذيرات مباشرة من إمكانية تسلل عناصر استخباراتية من روسيا أو حليفتها بيلاروسيا، تحت غطاء مدني.
وأكدت الوكالة أن من بين العلامات التي قد تثير الشكوك: أشخاص بمظهر غير مهندم، يحملون معدات للبقاء في الطبيعة، يظهرون اهتماماً غير مبرر بالبنية التحتية الحيوية، أو يتحدثون اللغة المحلية بلكنة غريبة. كما نبهت إلى ضرورة ملاحظة من يحمل خرائط أو أجهزة ملاحة حديثة، أو من يتنكر في زي منظمات دولية مثل الأمم المتحدة أو الصليب الأحمر.
ورغم عدم تحديد تهديد وشيك أو مؤكد، فإن هذه التحذيرات تعكس قلقاً متزايداً في لاتفيا، وهي دولة من جمهوريات البلطيق الثلاث وعضو في حلف شمال الأطلسي، من سلوك موسكو المتصاعد إقليمياً. ويُذكر أن لاتفيا كانت جزءاً من الاتحاد السوفياتي السابق، ولا تزال العلاقات مع روسيا محكومة بتاريخ طويل من التوتر وعدم الثقة.
ويأتي هذا التوجس في وقت شهدت فيه العلاقة بين «الناتو» وروسيا تصعيداً غير مسبوق منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2022. وقد أدى هذا الواقع إلى تغييرات استراتيجية في المنطقة، كان أبرزها انضمام فنلندا والسويد إلى الحلف، بعد عقود من التزامهما بالحياد.
وفي خطوة أخرى تعبّر عن التحول الأمني في المنطقة، صوّت البرلمان اللاتفي في أبريل (نيسان) الماضي لصالح الانسحاب من معاهدة أوتاوا لعام 1997، التي تحظر استخدام الألغام الأرضية. القرار استند إلى ما وصفته الحكومة بالتهديد المباشر من العدوان الروسي. لحقتها ليتوانيا بخطوات مماثلة، وسط دعوات أوروبية لإعادة النظر في الأولويات الدفاعية.
ويرى مراقبون أن لاتفيا تسعى من خلال هذه التحذيرات إلى تعزيز وعي مواطنيها بواقع أمني جديد، يتسم بالغموض والتعقيد، حيث تتداخل فيه أدوات الحرب التقليدية مع أدوات التسلل والتجسس والتضليل الإعلامي.
وقال هانس بيننديغ، المدير السابق لسياسات الدفاع في مجلس الأمن القومي الأميركي: «إن روسيا، بعد أي تسوية محتملة في أوكرانيا، ستسعى إلى إعادة بناء قدراتها العسكرية، مما يضع دول البلطيق في خط المواجهة الأول مجدداً».
ومع استمرار الحرب في أوكرانيا، وتعثر الجهود الدبلوماسية، يبدو أن دول أوروبا الشرقية لم تعد ترى السلام أمراً مُسلّماً به، بل احتمالاً مؤجلاً، تحيط به الشكوك والأسلاك الشائكة.