زيلينسكي يلتقي ترمب في لاهاي لكنه لم يُدع إلى الجلسة الرئيسية لقمة «الناتو»

بات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، شخصيةً رئيسيةً في القمم الغربية، لكن نظراً إلى علاقته المتوترة مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب، فلم يُدعَ زيلينسكي إلى الجلسة الرئيسية لأعضاء قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) هذه المرة. وقال مصدر رفيع المستوى في الرئاسة الأوكرانية: «إن الفريقين يضعان اللمسات النهائية على التفاصيل»، مضيفاً أن المحادثات مقرَّرة «في وقت مبكر من بعد الظهر» في هولندا.
وأوضح المصدر، كما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية»، أن المحادثات ستركز على شراء كييف «حزمة دفاعية، يتكوّن جزء كبير منها من أنظمة دفاع جوي» من واشنطن. كما أن الزعيمين سيبحثان أيضاً «فرض مزيد من العقوبات على روسيا، وتحديد سقف لسعر النفط».
وعملت أوكرانيا وحلفاؤها على خفض سعر النفط الحالي المفروض على روسيا بعدما غزت أوكرانيا قبل أكثر من 3 سنوات، من 60 إلى 45 دولاراً؛ سعياً لخنق ميزانية الحرب التابعة للكرملين. وأثار ترمب حتى الآن حفيظة حلفاء بلاده الغربيين عبر رفضه فرض عقوبات جديدة على روسيا رغم رفض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الموافقة على وقف لإطلاق النار في أوكرانيا.
وعلى الصعيد الميداني، استمرَّت الاستهدافات المتبادلة للمدن بين طرفَي النزاع بالمسيّرات والصواريخ. وقالت سلطات السكك الحديدية الأوكرانية في بيان الثلاثاء، إن هجوماً روسياً على منطقة دنيبروبيتروفسك ألحق أضراراً بقطار ركاب كان متجهاً إلى مدينة زابوريجيا، وذلك عقب إنذار بهجوم صاروخي.
أعلن سلاح الجو الأوكراني، في بيان عبر تطبيق «تلغرام»، الثلاثاء، أن قوات الدفاع الجوي الأوكرانية أسقطت 78 من أصل 97 طائرة مسيّرة معادية أطلقتها روسيا على الأراضي الأوكرانية، خلال الليل، من مناطق أوريل، وميليروفو، وكورسك، وبريمورسكو-أختارسك الروسية، وتشودا بشبه جزيرة القرم المحتلة، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الوطنية الأوكرانية «يوكرينفورم».
وأضاف البيان أنه تم صد الهجوم من قبل وحدات الدفاع الجوي، ووحدات الحرب الإلكترونية، ووحدات المسيّرات، وفرق النيران المتنقلة التابعة لسلاحي الجو والدفاع الجوي الأوكرانيَّين. وقال البيان: «أسقطت وحدات الدفاع الجوي 78 طائرة مسيَّرة من طراز (شاهد)، وطرازات أخرى خداعية في شرق وجنوب وشمال أوكرانيا، وإن هجمات الطائرات المسيّرة تسبَّبت في وقوع أضرار في 6 مواقع على الأقل».
قالت الإدارة العسكرية لمنطقة سومي الأوكرانية، في ساعة مبكرة من صباح الثلاثاء، إن هجوماً روسياً بطائرات مسيّرة على قرية بالمنطقة الواقعة في شمال شرقي أوكرانيا، خلال الليل، أسفر عن مقتل 3 أشخاص أحدهم طفل، إلى جانب إصابة 3 آخرين. وذكرت الإدارة عبر تطبيق «تلغرام»: «أودى القصف بحياة أشخاص من عائلات مختلفة. جميعهم كانوا يعيشون في الشارع نفسه». ولم يتضح على الفور النطاق الكامل للهجوم، حسبما نقلت «رويترز»، لكنها أضافت أنه لم يتسنَّ لها التحقق من صحة التقرير بشكل مستقل.
من جهته، قال رئيس بلدية خاركيف، إيغور تيريخوف، في منشور على «تلغرام» إن روسيا أطلقت 7 طائرات مسيَّرة على المدينة الواقعة في شمال شرقي أوكرانيا خلال الليل مشيراً إلى أن 3 أشخاص أُصيبوا في الهجمات.
وفي العاصمة الروسية، موسكو، استهدفت طائرة مسيَّرة مبنى سكنياً؛ ما أدى إلى إصابة شخصين نُقل أحدهما إلى المستشفى، وفق ما أعلن حاكم منطقة موسكو، أندري فوروبيوف، على «تلغرام». وأضاف أنه «تم إجلاء نحو 100 شخص من بينهم 30 طفلاً من المبنى». وأضاف أن طائرتين مسيّرتين أخريين أُسقطتا فوق غرب العاصمة الروسية، دون التسبب في وقوع إصابات.
وليل الأحد الاثنين، قُتل ما لا يقل عن 10 أشخاص في «عمليات قصف روسية ضخمة» استهدفت كييف والمنطقة المحيطة بها، وفق ما أعلنت السلطات الأوكرانية، في وقت تتعثر فيه الجهود الدبلوماسية لإنهاء الحرب بين البلدين.
واستمرَّت الضربات أكثر من 4 ساعات، في البداية بطائرات مسيّرة متفجرة، ثم بصواريخ باليستية وصواريخ «كروز». وتعرَّضت أحياء عدة في العاصمة الأوكرانية لأضرار نتيجة الهجوم، كما دُمِّر قسمٌ كاملٌ من مبنى سكني متعدد الطوابق.
وأسفرت ضربات في منطقة أوديسا في جنوب أوكرانيا، الاثنين، عن مقتل شخصين وإصابة ما لا يقل عن 12 آخرين، وفقاً للسلطات المحلية. كما تضرَّرت مدرسة، بحسب الرئيس الأوكراني، الذي قال: «للأسف، من المرجح أن بعض الأشخاص ما زالوا عالقين تحت الأنقاض». وتتعرَّض المدن الأوكرانية لضربات روسية كل ليلة، في وقت وصلت فيه المحادثات لوقف إطلاق النار إلى طريق مسدود.
وتحتل موسكو حالياً نحو خُمس مساحة أوكرانيا بعدما أعلنت ضمّ 4 مناطق أوكرانية، بالإضافة إلى شبه جزيرة القرم، التي سيطرت عليها عام 2014.
من جهته، أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، خلال زيارة الرئيس الأوكراني للمملكة المتحدة، الاثنين، اتفاقاً لإنتاج طائرات مسيّرة ما يعزز التعاون العسكري مع أوكرانيا. وخلال اجتماع مع جنود في حدائق «داونينغ ستريت»، قال رئيس الوزراء البريطاني، وإلى جانبه زيلينسكي: «يشرفني أن أعلن… عن اتفاق إنتاج مشترك للصناعة العسكرية، هو الأول من نوعه بين أوكرانيا والمملكة المتحدة». ورحَّب ستارمر بهذا الاتفاق، واصفاً إياه بأنه «خطوة كبيرة إلى الأمام» لدعم أوكرانيا التي تخوض حرباً مع روسيا منذ أكثر من 3 سنوات، دون الكشف عن التفاصيل. ويأتي الاتفاق في إطار الشراكة الأمنية «التاريخية» السارية لمدة 100 عام بين البلدين، التي تم التوقيع عليها في يناير (كانون الثاني)؛ لتعزيز التعاون في مجالَي الدفاع والأمن البحري. وعدّ زيلينسكي أن «هذه الاتفاقية ستعزز العلاقات بين بلدينا».
بدوره، أدان المستشار الألماني فريدريش ميرتس الغارات الجوية الروسية الأخيرة على أوكرانيا. وقال ميرتس، في بيان حكومي أدلى به أمام البرلمان الألماني (بوندستاغ) في برلين، الثلاثاء: «يتطلب السلام الحقيقي والدائم استعداداً لصنع السلام من جميع الأطراف… ومع ذلك، أوضحت روسيا بهمجية، من خلال موجة هجماتها الجديدة على السكان المدنيين الأوكرانيين، أنه ليس لديها حالياً استعداد لصنع السلام».
وفي الوقت نفسه، رفض ميرتس الانتقادات القائلة إن الوسائل الدبلوماسية في الصراع الأوكراني لم تستنفد، مضيفاً أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لا يفهم إلا «لغة القوة». وقال: «لذلك، فإن العمل من أجل السلام الآن يعني التحدث بهذه اللغة أيضاً»، مؤكداً أن الاستسلام للعدوان أو التخلي عن الوطن ليس حلاً.
من جانب آخر، كشفت أجهزة الاستخبارات الأوكرانية، الاثنين، تفاصيل مؤامرة اغتيال مزعومة ضد الرئيس فولوديمير زيلينسكي من جانب جندي بولندي سابق. وترجع المؤامرة، التي كان من المقرر تنفيذها في زوسوف في جنوب شرقي بولندا، إلى أوائل العام الماضي، عندما تم اعتقال عدد من الأشخاص في كل من أوكرانيا وبولندا. وقال رئيس جهاز الأمن القومي، فاسيلي ماليوك، إن أجهزة الاستخبارات الروسية قامت بتجنيد الجندي منذ عقود، والذي كان مدفوعاً بالحنين إلى الاتحاد السوفياتي. وأوضح ماليوك أنه كان من المقرر استخدام طائرة مسيّرة أو قناص لاغتيال زيلينسكي في مطار المدينة. وكان من بين المتورطين عقيدان أوكرانيان سابقان من حراسة زيلينسكي، كان ماليوك قد أعلن اعتقالهما في مايو (أيار) من العام الماضي. واعتقلت وكالة مكافحة التجسس البولندية الجندي البولندي السابق في أبريل (نيسان) من العام الماضي، بناء على معلومات من جهاز الأمن القومي الأوكراني. واتهمه الادعاء البولندي، الشهر الماضي، بالتعاون مع وكالة استخبارات أجنبية.