ازدياد القمع بعد 5 سنوات من صدور قانون الأمن القومي في هونغ كونغ

أرجئ الإفراج عن الناشط المؤيد للديمقراطية في هونغ كونغ، جوشوا وونغ، المسجون منذ 1500 يوم، إلى أجل غير مسمى، بعدما دانته المحكمة من جديد مطلع يونيو (حزيران) بتهمة انتهاك قانون الأمن القومي.
والناشط البالغ 28 عاماً الذي وجَّهت إليه السلطات في مارس (آذار) 2021، تهمة «التواطؤ للقيام بأعمال تخريب» بموجب قانون الأمن القومي، كان يأمل في إطلاق سراحه مطلع عام 2027.
ويصادف الاثنين مرور 5 أعوام على فرض الصين قانون الأمن القومي الصارم، بعد احتجاجات ضخمة مؤيدة للديمقراطية، شابتها أحياناً أعمال عنف في المستعمرة البريطانية السابقة.
ومنذ دخول القانون حيز التنفيذ، دين 165 شخصاً بتهم مختلفة، منها الانفصال والتخريب والإرهاب والتواطؤ مع جهات أجنبية، وغيرها.
وفي مارس 2024، تم إقرار تشريع جديد يلبي موجبات المادة 23 من القانون السابق، ويُعاقب على جرائم مثل التجسس والتدخل الأجنبي.
وأشار جون بيرنز، الأستاذ الفخري للعلوم السياسية في جامعة هونغ كونغ، إلى أن الصين تعدُّ النشطاء المؤثرين مثل جوشوا وونغ «مثيري شغب غير قابلين للإصلاح».
وقال بيرنز لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يتم التحدث عن الأمن القومي بشكل يومي على شاشات التلفزيون وفي وسائل الإعلام».
ومن بين القضايا الرئيسية، تستمر محاكمة قطب الإعلام جيمي لاي، في حين لم تبدأ بعد محاكمة منظمي وقفة احتجاجية لذكرى ضحايا ميدان تيان آن مين.
وحُكم على الحقوقي بيني تاي بالسجن عشر سنوات، في أقسى عقوبة تصدر حتى الآن بموجب قانون الأمن القومي، في محاكمة مثل فيها جوشوا وونغ أيضاً في نوفمبر 2024.
وقال محامٍ متخصص في قضايا الأمن القومي فضّل عدم الكشف عن هويته لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنه «مقيد» في ممارسة مهنته.
وأوضح: «عملياً، ليس لدى المحامين سوى المطالبة بعقوبة أخف».
دعوات لاحتساء الشاي!
وقال محامٍ آخر طلب أيضاً عدم الكشف عن هويته: «ثمة ملاحقات قضائية أقل الآن، ولكن هناك مزيداً من الاعتقالات والاستجوابات، وإجراءات لا يمثل فيها الأشخاص أمام القضاء».
وتحدث إريك لاي من مركز القانون الآسيوي في جامعة جورج تاون، عن «دعوات لاحتساء الشاي»، في إشارة إلى استدعاءات غير رسمية «لتنظيم المجتمع واستقراره» وهي مفضلة؛ لأنها «أقل إثارة للانتباه».
وشارك مسؤولون أمنيون من بكين في «جلسات الاستماع» لأول مرة في يونيو، حسب السلطات.
ومنذ عام 2020، اضطرت عشرات المجموعات المؤيدة للديمقراطية ومنظمات المجتمع المدني في هونغ كونغ، ومنها نقابات ووسائل إعلام، إلى التوقف عن ممارسة نشاطها.
كما كان لعزل نواب المعارضة «عواقب وخيمة على المساءلة»، حسب بيرنز.
وبدأ الحزب الديمقراطي في هونغ كونغ عملية حل نفسه، بينما أعلن حزب المعارضة في هونغ كونغ، (رابطة الديمقراطيين الاجتماعيين)، الأحد، حل نفسه.
وقالت الرابطة في بيان: «في مواجهة ضغوط سياسية هائلة، وبعد مداولات متأنية -ولا سيما فيما يتعلق بتداعيات ذلك على أعضائنا ورفاقنا- اتخذنا القرار الصعب بحل الحزب».
وصرَّحت رئيسة الحزب تشان بو-ينغ في مؤتمر صحافي، بأن قرار الحل كان بالإجماع. ولدى سؤالها عن تعرض الحزب لضغوط من ممثلي بكين، قالت تشان إنها لا تستطيع كشف التفاصيل.
وكانت «رابطة الديمقراطيين الاجتماعيين» قد دعت إلى إجراء انتخابات مباشرة لاختيار زعيم المدينة وهيئتها التشريعية، وفازت بثلاثة مقاعد في المجلس التشريعي في هونغ كونغ، في ذروة شعبيتها عام 2008.
من جهتها، قالت رئيسة المجلس التنفيذي في هونغ كونغ الموالية لبكين ريجينا إيب: «لا أعتقد أن الحكومة تشعر بالارتياب»، مضيفة: «نظراً لبيئة دولية معقدة ومتقلبة بشكل متزايد، يجب أن نكون جميعاً على أهبة الاستعداد».
وتسببت القوانين المتعلقة بالأمن القومي في هجرة كثير من السكان.
وقال توني تشونغ -وهو من مؤيدي استقلال هونغ كونغ- إنه شعر بعدم الأمان بعد أن سُجن بتهمة الانفصال، وهرب إلى المملكة المتحدة في عام 2023.
هذا الشاب البالغ 24 عاماً الذي أصبح طالب لجوء، هو من بين 19 ناشطاً مؤيداً للديمقراطية تعدُّهم السلطات في هونغ كونغ فارين. وقال إنه يواجه صعوبة في التكيف؛ لكنه يواصل نشر أفكاره.
وأشار لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إلى أن «كثيراً من الأصدقاء قالوا إنه بات بإمكاني بدء حياة جديدة هنا والتخلي عن السياسة… ولكنني أجبر نفسي على تذكر سبب مجيئي إلى هنا».