بوتين يبلغ ترمب أن روسيا «لن تتخلى» عن أهدافها في أوكرانيا مستبقاً محادثته مع زيلينسكي

أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين محادثات هاتفية، الخميس، مع نظيره الأميركي دونالد ترمب، هي الأولى بينهما منذ اتصال جرى بينهما في 14 يونيو (حزيران)، وأبلغه أن روسيا «لن تتخلى عن أهدافها» في أوكرانيا، مع إبدائه الاستعداد لمواصلة المفاوضات مع كييف. وصرّح يوري أوشاكوف، المستشار الدبلوماسي لبوتين، أن «رئيسنا أعلن أيضاً أن روسيا ستواصل (السعي إلى تحقيق) أهدافها، أي القضاء على الأسباب العميقة المعروفة جداً، التي أدّت إلى الوضع الراهن»، مشيراً إلى أن الرئيسين لم يتفقا على عقد قمة بينهما قريباً. ونقلت وكالة «تاس» الروسية عن أوشاكوف قوله إن الرئيسين لم يناقشا إمدادات الأسلحة الأميركية إلى أوكرانيا. وقال الكرملين، في بيان، إن بوتين أبلغ ترمب استعداد بلاده لمواصلة المحادثات مع أوكرانيا، في حين طالب الرئيس الأميركي بإنهاء الحرب في أوكرانيا «بأسرع وقت». وأضافت أن بوتين وترمب ناقشا، في الاتصال الهاتفي الذي استمر ساعة، الأوضاع في سوريا وإيران والشرق الأوسط ضمن قضايا أخرى. وأكّد أوشاكوف أن موسكو وواشنطن ستواصلان الحوار في هذا الصدد. وعلى الصعيد الاقتصادي، ذكرت وكالة «سبوتنيك» للأنباء أن بوتين وترمب ناقشا عدداً من المشاريع الاقتصادية المشتركة الواعدة في مجالي الطاقة واستكشاف الفضاء.
وخلال محادثاتهما الأخيرة، أكّد بوتين لنظيره استعداده لإجراء جولة جديدة من المفاوضات بين موسكو وكييف. لكن أي موعد لهذه الجولة لم يتم إعلانه مع كييف. وأجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الثلاثاء، مباحثات هاتفية مع بوتين، هي الأولى بينهما منذ عام 2022، ليقطع بذلك سياسة عزل، ينتهجها الأوروبيون حيال بوتين.
ومن المتوقع أن يناقش ترمب مع نظيره الأوكراني التعليق المفاجئ لشحنات الأسلحة، في مكالمة هاتفية بينهما. وأفادت صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية، الخميس، نقلاً عن مسؤولين، قولهم إن زيلينسكي سيتطرق إلى مسألة المبيعات المحتملة للأسلحة الأميركية مستقبلاً خلال اتصاله المتوقع مع ترمب، الجمعة.
وعدّت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، الخميس، أن قرار الولايات المتحدة وقف تسليم أوكرانيا بعض الأسلحة، هو «رسالة واضحة» بضرورة زيادة الاتحاد الأوروبي دعمه لكييف. وقالت فون دير لاين، خلال مؤتمر صحافي لمناسبة تولي الدنمارك الرئاسة الدورية للتكتل القاري: «هذا مؤشر واضح أو رسالة واضحة تدعونا لتعزيز دعمنا، أي زيادة قدراتنا الدفاعية الأوروبية، ليس على مستوى الاتحاد الأوروبي فقط، لكن على مستوى القارة أيضاً».
وبهذا الخصوص، وصل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى الدنمارك، تزامناً مع تسلمها رئاسة الاتحاد الأوروبي، ومن المقرر أن يجري محادثات مع رئيسة وزراء الدنمارك، ورئيسة المفوضية الأوروبية. ويبحث زيلينسكي في الدنمارك تعزيز الدعم العسكري والتعاون مع القطاع الدفاعي الأوكراني والعقوبات الجديدة ضد روسيا. وقالت فريدريكسن: «علينا أن نعزز قوة أوكرانيا جزئياً، ونضعف روسيا جزئياً. وأول ما يتعين علينا فعله هو تعزيز الدعم العسكري. أوكرانيا تمثل أهمية لأمن أوروبا». وأوضحت: «الأمر الثاني يتمثل في العقوبات، يجب أن نزيد الضغط على روسيا».
عدّ زيلينسكي، الخميس، أن «الشكوك» بشأن استمرار المساعدات العسكرية الأميركية لأوكرانيا تعزز أهمية التعاون مع الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي (الناتو). وقال زيلينسكي: «اليوم، ومع الشكوك حول استمرار الدعم الأميركي لأوروبا، تزداد أهمية تعزيز تعاوننا وتنسيقنا داخل الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، وكذلك علاقاتنا المباشرة».
وقلّل مسؤولون أميركيون من أهمية إعلان البيت الأبيض تعليق واشنطن إمداد أوكرانيا ببعض شحنات الأسلحة، لافتين إلى أن خيارات ترمب ما زالت منصبّة على دعم كييف عسكرياً.
وقال المتحدث باسم البنتاغون، شون بارنيل، إن «وزارة الدفاع تواصل عرض خيارات قوية على الرئيس فيما يتّصل بالدعم العسكري لأوكرانيا، بما يتماشى مع هدف إنهاء هذه الحرب المأسوية».
وتابع، كما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية»: «تدرس الوزارة بتمعّن مقاربتها لتحقيق هذا الهدف، مع الحفاظ على جاهزية الجيش الأميركي وأولوياته الدفاعية».
وفي الأثناء، قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية، تامي بروس، إن قرار تعليق بعض شحنات الأسلحة «ليس وقفاً لدعمنا لأوكرانيا أو لإمدادها بأسلحة»، لافتة إلى أنها حالة واحدة، مضيفة: «سنناقش ما سيأتي في المستقبل».
وقالت بروس إنّ «الرئيس أشار إلى أنّ التزامه ما زال قائماً فيما يتّصل بصواريخ باتريوت»، في إشارة إلى نظام للدفاع الجوي يؤدي دوراً أساسياً في تصدي أوكرانيا لهجمات روسية.
وفي عهد الرئيس السابق جو بايدن، تعهدت واشنطن تقديم دعم عسكري لأوكرانيا بأكثر من 65 مليار دولار ردّاً على غزو روسي لأراضيها، بدأ في فبراير (شباط) 2022، لكنّ ترمب الذي لطالما انتقد الدعم الأميركي لأوكرانيا، لم يحذُ حذو سلفه، إذ لم يعلن عن أي مساعدات عسكرية لكييف منذ توليه سدة الرئاسة في يناير (كانون الثاني) الماضي.
وقد بحث زيلينسكي مع الرئيس الأميركي، على هامش قمة زعماء دول حلف شمال الأطلسي (الناتو) في لاهاي، خلال يونيو الماضي، شراء أنظمة دفاع جوي أميركية، وإمكانية الإنتاج المشترك للطائرات المُسيّرة.
وأعلن زيلينسكي، الأربعاء، أن الولايات المتحدة وأوكرانيا تواصلان مفاوضاتهما بشأن المساعدات الأميركية لأوكرانيا، التي كان من المقرر إرسالها بالفعل بناء على تفاهمات مع إدارة الرئيس السابق جو بايدن. وقال زيلينسكي، في خطابه المصور المسائي، إن كييف وواشنطن تعملان حالياً على تسوية جميع تفاصيل الدعم الدفاعي على المستوى العملياتي، بما في ذلك الدفاع الجوي. وأضاف زيلينسكي: «يجب علينا، بطريقة أو بأخرى، ضمان حماية شعبنا». وقال زيلينسكي إنه يجري الإعداد لاتفاقيات بشأن إنتاج الأسلحة مع الدنمارك وشركاء آخرين.
واستدعت وزارة الخارجية الأوكرانية، الأربعاء، نائب رئيس السفارة الأميركية في كييف، جون جينكل، لمناقشة التجميد الجزئي للأسلحة. وأكّدت نائبة وزير الخارجية الأوكراني، ماريانا بيتسا، خلال المحادثات في كييف «أهمية مواصلة تسليم حزم الدفاع المخصصة سابقاً»، حسبما ذكر بيان صادر عن وزارة الخارجية الأوكرانية. وأكّدت بيتسا على ضرورة تعزيز الدفاعات الجوية الأوكرانية.
وأضاف البيان أن «أي تأخير أو تباطؤ في دعم القدرات الدفاعية لأوكرانيا لن يؤدي إلا إلى تشجيع المعتدي على مواصلة الحرب والإرهاب، بدلاً من السعي إلى السلام». وقالت وزارة الدفاع الأوكرانية، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إنها لم تبلغ رسمياً بأي «تعليق أو مراجعة لخطط تسليم المساعدات العسكرية المتفق عليها»، وإنها طلبت إجراء محادثة هاتفية مع نظرائها الأميركيين للتوضيح.
وتواجه أوكرانيا هجمات روسية بمسيّرات وصواريخ تعدّ من الأعنف منذ اندلاع الحرب قبل 3 سنوات، ومن شأن تعليق إمدادها بذخيرة، خصوصاً تلك المخصّصة للدفاعات الجوية، أن يشكّل نكسة كبيرة لكييف.
وأعلن الجيش الروسي، الخميس، سيطرته على قرية ميلوفه في منطقة خاركيف، شمال شرقي أوكرانيا؛ كما نقلت عنه «رويترز»، ليفتح بذلك جبهة جديدة عند حدودهما المشتركة. ولم تعلّق أوكرانيا بعد على الإعلان الروسي.
وتقع ميلوفه في منطقة حدودية تخترقها للمرة الأولى قوات موسكو منذ بداية الحرب. وكان يقطن القرية مئات الأشخاص قبل اندلاع الحرب. وقالت وزارة الدفاع الروسية: «بفضل إجراءات حاسمة، تم تحرير قرية ميلوفه في منطقة خاركيف». وأعلن الجيش الأوكراني، في إيجاز صحافي بوقت سابق، الخميس، أن موسكو حاولت مراراً اختراق الحدود بالقرب من ميلوفه، لكنه «يعيق بثبات» تقدم روسيا.
وأعلن سلاح الجو الأوكراني، في بيان، عبر تطبيق «تلغرام»، الخميس، أن قوات الدفاع الجوي الأوكراني أسقطت 40 من أصل 52 طائرة مسيّرة أطلقتها روسيا على الأراضي الأوكرانية خلال الليل، حسبما ذكرت وكالة الأنباء الوطنية الأوكرانية «يوكرينفورم».
من جانبها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية، الخميس، أن أنظمة الدفاع الجوي التابعة لها أسقطت 69 طائرة مسيّرة أوكرانية فوق المناطق الروسية الليلة الماضية. وقال البيان: «خلال الليلة الماضية، دمرت أنظمة الدفاع الجوي العاملة 69 طائرة مسيّرة أوكرانية»، حسبما ذكرت وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء. وأضاف البيان أنه «تم تدمير 27 طائرة مسيّرة فوق مقاطعة بيلغورود، و22 فوق مقاطعة فورونيغ، و10 فوق مقاطعة ليبيتسك، بالإضافة إلى 8 فوق مقاطعة كورسك واثنتين فوق شبه جزيرة القرم». لكن يتعذر التحقق من هذه البيانات من مصدر مستقل.
وأعلن الجيش الروسي، الخميس، مقتل الميجر جنرال ميخائيل جودكوف، نائب قائد البحرية الروسية، خلال هجوم أوكراني على منطقة كورسك الروسية الحدودية، ليحرم ذلك موسكو من أحد أبرز قادتها العسكريين. وقال الجيش، في بيان، إن جودكوف قاد أيضاً لواء بحرياً قاتل ضد أوكرانيا وحصل على أعلى وسام عسكري في الكرملين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في فبراير. وذكرت وزارة الدفاع الروسية، في بيان، أنه قتل الأربعاء «خلال عملية قتالية بإحدى المناطق الحدودية في منطقة كورسك».
وذكرت قنوات روسية وأوكرانية غير رسمية على «تلغرام» في وقت سابق أن جودكوف قتل مع جنود وضباط آخرين في هجوم أوكراني على مركز قيادة بمنطقة كورسك المتاخمة لأوكرانيا باستخدام صاروخ من طراز «هيمارس» أميركي الصنع. وقالت «رويترز» إنها لم تتحقق بشكل مستقل من كيفية مقتل جودكوف (42 عاماً) أو طبيعة مهمته في كورسك. وقال بعض مدوني الحرب الروس إنه كان يقود قوات مشاة البحرية التي تتقدم في منطقة سومي المتاخمة في أوكرانيا.
وجودكوف أحد أبرز ضباط الجيش الروسي الذين قتلوا منذ أن شنّت موسكو حرباً شاملة على أوكرانيا في 2022، وكان يتولى قيادة القوات البحرية في الساحل والبر، بما يشمل وحدات لمشاة البحرية. وقتل ما لا يقل عن 10 قادة روس كبار آخرين في عمليات قتالية أو في اغتيالات نفّذتها كييف منذ بدء الحرب.
ولم يصدر أي تعليق حتى الآن من أوكرانيا التي اتهمت جودكوف ومرؤوسيه بارتكاب جرائم حرب مختلفة، وهو ما نفته موسكو. وفي مدينة فلاديفوستوك الساحلية في أقصى شرق البلاد، التي بها القاعدة الرئيسة للأسطول الروسي في المحيط الهادئ، وضع سكان زهوراً بقرب لوحة خارجية تحمل صورة لجودكوف، وهي جزء من معرض صور يحتفي بالضباط الذين تعدّهم روسيا أبطالاً. وقال أوليغ كوجيمياكو، وهو حاكم منطقة بريمورسكي، التي تضم المدينة الساحلية، في بيان، الخميس، إن جودكوف، الذي عيّنه بوتين نائباً للقائد العام للبحرية في مارس (آذار)، قتل «وهو يؤدي واجبه» مع آخرين، وعبّر عن تعازيه لذوي القتلى.
وقاد جودكوف لواء بحرياً تابعاً لأسطول المحيط الهادئ الروسي، شارك في معارك في أوكرانيا وفي كورسك أيضاً.
وسيطرت القوات الأوكرانية على أجزاء من كورسك في هجوم مباغت في أغسطس (آب) 2024، قبل أن تعلن روسيا في وقت سابق من العام الحالي أنها تمكنت من طردها.