الصناعة الألمانية تنتعش قبيل تطبيق الرسوم الأميركية

7/7/2025–|آخر تحديث: 21:59 (توقيت مكة)
في مفاجأة غير متوقعة، سجّلت الصناعة الألمانية انتعاشًا ملحوظًا خلال شهر مايو/أيار الماضي، مدفوعة بمسارعة الشركات إلى زيادة الإنتاج تحسّبًا لفرض رسوم جمركية أميركية جديدة تهدد الصادرات إلى الولايات المتحدة.
فقد أعلن مكتب الإحصاء الألماني اليوم الاثنين، أن إنتاج القطاع الصناعي ارتفع بنسبة 1.2% مقارنة بشهر أبريل/نيسان، مخالفًا التوقعات التي رجّحت انخفاضًا بنسبة 0.2% فقط، بحسب استطلاع شمل عددًا من الاقتصاديين.
وشملت الزيادة قطاعات رئيسية مثل صناعة السيارات، والأدوية، والطاقة.
سباق قبل الموعد الحاسم
هذا التعافي اللافت يُعزى -بحسب بلومبيرغ- إلى اندفاع الشركات الألمانية نحو إنجاز الطلبيات التصديرية بسرعة قبل حلول موعد 9 يوليو/تموز، وهو الموعد النهائي الذي حددته إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإبرام اتفاقيات تجارية جديدة مع الدول الشريكة، قبل أن يبدأ تطبيق رسوم جمركية مشددة.
وبينما منحت هذه الديناميكية بداية قوية للاقتصاد الألماني في 2025، فإن التوقعات لبقية العام تبقى قاتمة.
ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا، يتوقع لها، على أفضل تقدير، أن تكون في طريقها إلى الركود الفني، بعد عامين متتاليين من الانكماش الاقتصادي.

تحذيرات رسمية من انكماش ممتد
وفي كلمة ألقاها في مدينة تالين بإستونيا، قال رئيس البنك المركزي الألماني (بوندسبنك) يواكيم ناغل إن الوضع “لا يزال متقلبًا”، مشيرًا إلى أن التصعيد أو التهدئة في التوترات التجارية مع واشنطن “ممكنان في أي لحظة”.
وأضاف: “إذا تفاقم الصراع التجاري، فإن الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا قد يتراجع بما يصل إلى 1.5 نقطة مئوية بحلول عام 2027″.
ورغم أن موعد 9 يوليو/تموز لم يحل بعد، فإن الشركات الألمانية بدأت تستعد فعليًا لعلاقة تجارية أكثر تعقيدًا مع الولايات المتحدة، فبعض الشركات الكبرى، مثل “مرسيدس-بنز”، أجرت لقاءات غير رسمية بمسؤولين أميركيين بعيدًا عن قنوات التفاوض الرسمية في بروكسل، في إشارة إلى قلقها من تأثير هذه الرسوم على عملياتها المستقبلية.
تضارب المؤشرات وقلق داخلي
وبينما يُظهر مؤشر الإنتاج الصناعي هذا الانتعاش، كشف تقرير آخر يوم الجمعة، عن انخفاض في الطلبيات الصناعية بنسبة 1.4% خلال مايو/أيار، وهو التراجع الأول منذ أربعة أشهر، وأكبر مما كان متوقعًا، ما يعكس هشاشة الوضع الصناعي عموما.
من جهتها، أصدرت وزارة الاقتصاد الألمانية بيانًا حذّرت فيه من أن مستقبل الإنتاج الصناعي الصيفي سيعتمد بشكل كبير على تطورات البيئة التجارية والجيوسياسية، مؤكدة أن “التطورات المقبلة تتّسم بدرجة عالية من عدم اليقين”.

هل هناك بارقة أمل؟
ورغم كل هذه المؤشرات المقلقة، عبّر ناغل عن تفاؤل حذر بشأن احتمالات النمو المحدود، “إن الأداء القوي في بداية العام -بنمو فصلي بـ 0.4%- قد يمهّد الطريق لـزيادة سنوية طفيفة”. لكنه نبّه إلى أن هذا النمو الطفيف سيمثّل “ثلاث سنوات متتالية من التوسع الاقتصادي الهزيل”.
وبهذا السياق، يُجمع الخبراء الذين تحدثت إليهم بلومبيرغ، أن الاقتصاد الألماني يسير على حافة الخطر، بين فرص التصدير المهددة والرسوم الأميركية المحتملة، ما يدفع الشركات والسلطات على حد سواء إلى البحث عن بدائل سريعة ومبتكرة قبل أن يغلق النافذة الضريبية الأميركية بشكل كامل.