أزمة الهجرة والرّدع النووي يتصدّران قمّة ستارمر وماكرون

تصدّرت قضيتا الهجرة والتعاون العسكري جدول أعمال القمة التي جمعت رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في لندن الخميس.
وتختتم هذه القمّة زيارة دولة أجراها ماكرون إلى المملكة المتّحدة استمرّت ثلاثة أيام، وشهدت التزاماً متبادلاً بتعزيز العلاقات الثنائية بين الدولتين النوويتين.
اتفاق تجارة جديد؟
تُعلّق الحكومة البريطانية آمالاً كبيرة على المحادثات المرتبطة بقضية الهجرة مع الجانب الفرنسي. فقد عبر أكثر من 21 ألف مهاجر المانش منذ مطلع العام، وهو عدد قياسي، في الوقت الذي وعد فيه ستارمر بـ«استعادة السيطرة على الحدود».
وتُشكّل هذه القضية الشائكة مصدراً للتوتر بين البلدين، إذ تُتهم فرنسا بالتقصير في بذل الجهود الكافية للحد من الهجرة غير النظامية. بينما تريد المملكة المتحدة أن تبذل باريس مزيداً من الجهود لمنع القوارب من مغادرة سواحلها، وقدّمت أكثر من 750 مليون يورو منذ عام 2018 لتمويل تأمين الحدود.
وتعهّد الزعيمان، هذا الأسبوع، تحقيق «تقدّم ملموس»، وناقشا إمكان اتخاذ «إجراء رادع جديد». وتتناول المحادثات بين البلدين خصوصاً مشروعاً تجريبياً يقضي بتبادل المهاجرين وفق مبدأ «واحد في مقابل واحد»، بحسب ما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية». وبموجب هذا الاتفاق، تستقبل المملكة المتحدة مهاجرين من «الفئات الضعيفة» بحسب مصدر فرنسي، وتعيد في المقابل الوافدين عبر القوارب إلى فرنسا. وأوردت صحيفة «لوموند» الفرنسية أن المملكة المتحدة قد تعيد 50 مهاجراً في الأسبوع إلى فرنسا. وستكون هذه أول مرة توافق فيها باريس على إعادة مهاجرين، إلا أن وسائل إعلام بريطانية والمعارضة المحافظة عدّتا أن هذا العدد ليس كافياً.
الردع النووي
قضية ثانية هيمنت على زيارة ماكرون، هي تعزيز التعاون العسكري والرّدع النووي بين باريس ولندن.
وأوضحت وزارة الدفاع البريطانية وقصر الإليزيه أن ستارمر وماكرون أكّدا تعزيز تعاون بلديهما في مجال الردع النووي، بتوقيع إعلان ينص على أنه «يمكن تنسيق» مواردهما. وأضاف المصدران أن سيادة كل من البلدين، وهما الوحيدان اللذان يملكان أسلحة نووية في أوروبا، في اللجوء إلى السلاح النووي ستبقى كاملة، لكن «أي خصم يهدد المصالح الحيوية للمملكة المتحدة أو فرنسا قد يواجه بالقوة النووية للبلدين».
وقالت إيلوييز فاييه، الباحثة في القضايا النووية في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية (إيفري)، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إنها فعلاً خطوة إضافية بدرجة غير مسبوقة من التنسيق على المستويين العسكري والسياسي». وأوضحت أن هذا التطور يبقى «متوافقاً مع العقيدة النووية الفرنسية، وبالتالي مع البعد الأوروبي للمصالح الفرنسية الحيوية»، كما مع العقيدة البريطانية «التي تندرج تقليدياً في إطار حلف شمال الأطلسي» والتعاون مع الولايات المتحدة.
كذلك، ينُصّ الإعلان على أن أي تهديد خطير لأوروبا قد يثير ردّ فعل من البلدين، من دون تحديد طبيعة هذا الرد، في رسالة واضحة إلى موسكو، في وقت يخشى كثير من دول أوروبا الشرقية طموحات توسعية روسية محتملة، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية». وبالإضافة إلى الجانب النووي، يعتزم ستارمر وماكرون تسريع برنامج صواريخ «كروز سكالب/ ستورم شادو» المشترك، مع طلبات جديدة لمجموعة «إم بي دي إيه»، وكذلك مرحلة جديدة من مشروع لصواريخ «كروز» المستقبلية والصواريخ المضادة للسفن والتي تأخّر تطويرها بعض الشيء. وكان الجانبان اتّفقا على إنشاء قوة عسكرية فرنسية – بريطانية مشتركة بموجب اتفاقات «لانكستر هاوس»، التي تُؤطّر التعاون العسكري بين الجانبين منذ عام 2010.
دعم أوكرانيا
وتُستخدم اتفاقات «لانكستر هاوس» لتشكيل «أساس» تحالف الراغبين الذي أطلقته باريس ولندن مطلع عام 2025، والذي يجمع حوالي 30 بلداً ملتزماً تعزيز القدرات الدفاعية لأوكرانيا، وضمان وقف إطلاق النار بين كييف وموسكو. وهذه القوة، التي من المقرر نشرها في أوكرانيا بمجرد سريان وقف إطلاق النار، ستحشد مزيداً من القوات، ما يصل إلى 40 ألف جندي، ويمكن توسيعها لتشمل شركاء آخرين، بحسب الإليزيه.
وبعد قمّتهما في «10 داونينغ ستريت»، سيتجّه ستارمر وماكرون إلى قاعدة «نورثوود» الجوية قرب لندن للمشاركة في اجتماع عبر الفيديو حول أوكرانيا، يضم خصوصاً الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، ورئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس. وأفاد قصر الإليزيه بأن ممثلين للإدارة الأميركية سيشاركون مبدئياً، فيما شدد دونالد ترمب لهجته تجاه روسيا وهدد بفرض عقوبات جديدة وتقديم معدات عسكرية إضافية للأوكرانيين.