24 May، 2025
عالمية

قمة «المجموعة السياسية الأوروبية» السادسة الجمعة في ألبانيا… ولا مقررات مرتقبة

  • مايو 16, 2025
  • 0 min read
قمة «المجموعة السياسية الأوروبية» السادسة الجمعة في ألبانيا… ولا مقررات مرتقبة

تحت شعار «من أجل أوروبا جديدة في عالم جديد: الوحدة والتعاون والعمل المشترك»، تلتئم في تيرانا، عاصمة ألبانيا، الجمعة، القمة السادسة لـ«المجموعة السياسية الأوروبية»، التي أطلقها «الاتحاد الأوروبي» في عام 2022 بمبادرة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وتضم المجموعة الدول كافة (47 دولة) باستثناء روسيا وبيلاروسيا؛ بسبب الحرب التي أطلقتها الأولى ضد أوكرانيا في فبراير (شباط) عام 2022.

وتتوقع أوساط الرئاسة الأوروبية أن تشهد القمة مشاركة عالية المستوى، بالنظر إلى الأوضاع الاستثنائية التي تعيشها أوروبا والصورة الداكنة التي رسمها رئيس «المجلس الأوروبي»، أنطونيو كوستا، في رسالة الدعوة التي وجهها إلى القادة الأوروبيين.

رئيس الوزراء الألباني إيدي راما (إ.ب.أ)

جاء في رسالة كوستا: «تواجه أوروبا لحظة تاريخية تتسم بتحديات متعددة الأوجه ومعقدة. فمع استمرار الحرب العدوانية الروسية ضد أوكرانيا، تمتد عواقبها إلى ما وراء حدود أوكرانيا؛ مما يرهق أمننا ويختبر قدرتنا الجماعية على الصمود. وفي الوقت نفسه، تواجه اقتصاداتنا مخاطر متجددة من التشرذم؛ مما يقوض النماذج الاقتصادية الراسخة ويختبر قدرتنا في الحفاظ على النمو والمرونة والقدرة التنافسية. كذلك، لا تزال الهجرة غير النظامية واستغلالها أداة ضغط، تشكل تحدياً مهماً؛ مما يعقد الجهود الرامية إلى ضمان التنقل الآمن والمنظم والتعامل مع نقص العمالة» في أوروبا. وتضيف الرسالة: «استناداً إلى التقدم المحرز في القمم السابقة، ستوفر قمة تيرانا منصة حاسمة لتعزيز الحوار وتعميق التعاون. نحن بحاجة إلى تحويل التحديات المشتركة إلى فرص للنهوض بأهدافنا المشتركة… ومن الناحية الإجرائية، فستنطلق القمة بجلسة عامة تركز على الأمن ورؤيتنا المشتركة لمستقبل أوروبا. تليها 3 ورشات عمل؛ أولاها: أمن أوروبا وتعزيز الديمقراطية (وتتضمن الحرب في أوكرانيا). والثانية: الأمن الاقتصادي والقدرة التنافسية لأوروبا، ومن بين ملفاتها أمن الطاقة. والثالثة: أوروبا مفتوحة بحدود آمنة وترجمة ذلك بالتصدي لتحديات الهجرات غير النظامية باتجاه أوروبا».

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مصافحاً وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو في قصر «الإليزيه» يوم 17 أبريل الماضي… ويبدو في الوسط المبعوث الأميركي للملف الأوكراني ستيف ويتكوف (أ.ب)

وبما أن «القمة» تُعقد مرتين في العام، فإن الدنمارك سوف تستقبل نسختها السابعة في النصف الثاني من العام الحالي. وسيعمد القادة إلى إنشاء «سكرتارية» لمتابعة الملفات والمساعدة على التحضير للقمم وكي تلعب «دور ذاكرتها». ومن المعروف أن «المجموعة» لا تصدر بيانات أو توصيات، ولا تتخذ قرارات، ولا تلتئم إلا على مستوى القادة.

منذ انطلاقتها، تعمل «المجموعة» على تحقيق هدفين متصلين: تعزيز الحوار السياسي والتنسيق والتعاون بين الدول الأوروبية كافة، وتعزيز الأمن والاستقرار والازدهار الاقتصادي. بيد أن «المجموعة»، رغم وتيرة قممها، ليست «منظمة» بالمعنى التقليدي المتعارف عليه؛ بل هي أقرب إلى أن تكون «منصة» للحوار والتبادل، وتجمع ما يزيد على 600 مليون مواطن. بيد أنها، إلى جانب الحرب الأوكرانية التي ستكون كما في القمم السابقة المادة الرئيسية للحوار، تعاني من توترات ونزاعات داخلية. ولائحتها طويلة: فأرمينيا وأذربيجان كانتا، حتى وقت قريبة، في حالة حرب. وثمة توترات قوية بين بلغاريا وجمهورية شمال مقدونيا، والأمر نفسه ينطبق على كوسوفو وصربيا.

وتقول مصادر رئاسية فرنسية إن فائدة «المجموعة» أنها «تضم الجميع، وتوفر للأطراف المتنازعة فرصة لحوار عالي المستوى». وبذلك، فإنها تلعب دور «صمام أمان» على المستوى الأوروبي. وفي السياق الأمني، سيولي المسؤولون اهتماماً خاصاً لمولدوفيا التي يعدّون أمنها واستقرارها وخياراتها الديمقراطية «مهددة» بسب الممارسات الروسية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين (يمين) ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي (أ.ف.ب)

حقيقة الأمر أن كثيراً من الدول الأوروبية تقف منتظرة على باب «الاتحاد الأوروبي»؛ ومنها تركيا، منذ عشرات السنوات. لذا، يُنظر إلى «المجموعة» على أنها «غرفة الانتظار» حتى يقرر الأوروبيون فتح بابهم مجدداً، علماً بأن حرب أوكرانيا دفعت بهم إلى تعجيل قبول عضويتها وعضوية مولدوفا بوصف ذلك ورقة تحصن وضعها ويمكن أن تمنحها شيئاً من «المناعة» في وجه مخططات موسكو.

في معرض تقديمها «القمة»، عدّت مصادر «الإليزيه» أن حرب أوكرانيا ستكون ملفاً رئيسياً بالنسبة إلى القادة الأوروبيين. وما زالت باريس ومعها برلين ولندن ووارسو تكرر المواقف التي جرى التعبير عنها بعد زيارة قادتها الأربعة كييف السبت الماضي، والتي يمكن تلخيصها بالإصرار على وقف إطلاق النار قبل أي محادثات روسية ــ أوكرانية، وعَدِّ امتناع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، عن التوجه إلى إسطنبول «تهرباً من المواجهة»، وأنه «يختبئ» فيما الرئيس الأوكراني زيلينسكي «مستعد للمواجهة». وذكرت هذه المصادر أن رفض موسكو وضع حد للمعارك لمدة شهر سيستدعي فرض عقوبات مؤلمة؛ «لأنها ستستهدف تجفيف واردات روسيا من مبيعات النفط».

ومن الواضح أن الأوروبيين في وادٍ والآخرين في وادٍ آخر. وقال وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، الخميس، لدى وصوله إلى اجتماع «حلف شمال الأطلسي (ناتو)» في أنطاليا بتركيا: «علينا تجنب الوقوع مجدداً في الأخطاء التي تسببت في فشل المحادثات السابقة بإسطنبول عام 2022، وأولها التفاوض من دون وقف لإطلاق النار. وثانيها القبول بـ(نزع سلاح أوكرانيا)؛ مما سيحرمها مسبقاً من الضمانات الأمنية التي ستحتاج إليها في حال التوصل إلى اتفاق سلام».

وفي السياق عينه، نبه نظيره يوهان فادفول، وزيرُ الخارجية الألماني، إلى أن روسيا «لا تريد مفاوضات جادة في هذه المرحلة»، مضيفاً: «ستكون لذلك عواقب؛ إذ إن أوروبا عازمة على اتخاذ قرار بشأن فرض عقوبات جديدة» على موسكو. وإذا كانت دول أوروبا الغربية والبلطيق تتبنى مواقف متشددة إزاء موسكو، فإن دولاً عدة، مثل صربيا وسلوفينيا والمجر، لا تتبنى المقاربة نفسها، وتتمسك بعلاقات جيدة مع روسيا.

يذكر أن الأوروبيين أعدوا الرزمة الـ17 من العقوبات؛ التي تستهدف بالدرجة الأولى ناقلات النفط «الشبحية» وعددها نحو 200، التي تلجأ إليها روسيا لتهريب نفطها.

يبقى أن الحرب الإسرائيلية على غزة سوف تُثار خلال القمة من زاويتين؛ الأولى: الضرورة المطلقة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع التي حُرم منها منذ بداية شهر مارس (آذار) الماضي بالتوازي مع وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية. والثانية: مصير الطلب الذي تقدمت به هولندا لتجميد اتفاقية الشراكة القائمة بين «الاتحاد الأوروبي» وإسرائيل. بيد أن فرنسا، التي وصف رئيسها، مؤخراً، ما تقوم به إسرائيل في غزة بـ«غير المقبول» وبـ«العار»، لا تبدو متفائلة، رغم أن بارو عدّ طلب أمستردام «مشروعاً»؛ وذلك بسبب الخلافات الأوروبية الداخلية، وبسبب اعتماد «مبدأ الإجماع» بشأن سياسة «الاتحاد» الخارجية.

Leave a Reply

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *