روسيا وأوكرانيا تتبادلان الاتهامات بـ«إرجاء» عملية تبادل أسرى الحرب

تبادلت روسيا وأوكرانيا، اليوم (السبت)، الاتهامات بتعطيل عملية تبادل أسرى من المقرر إجراؤها نهاية هذا الأسبوع، عقب ضربات روسية واسعة النطاق طالت خصوصاً خاركيف، ثاني كبرى المدن الأوكرانية.
وقال كبير المفاوضين الروس، فلاديمير ميدينسكي، على منصات التواصل الاجتماعي: «أرجأ الجانب الأوكراني بشكل غير متوقع، ولفترة غير محددة، تسلّم الجثث وتبادل أسرى الحرب».
لكن «الهيئة الأوكرانية لتنسيق معاملة أسرى الحرب»، قالت، في بيان، إنه لم يكن هناك موعد محدد لإعادة الجثث، وإن روسيا لا تلتزم المعايير المتفق عليها لتبادل أسرى الحرب، واتهمت موسكو بممارسة «ألعاب قذرة».
واتفق وفدا موسكو وكييف على تبادل كل الجنود الجرحى، وأسرى الحرب دون سن الـ25.
وكانت هذه النتيجة الملموسة الوحيدة للمباحثات التي رفضت خلالها روسيا دعوات أوكرانيا المتكررة إلى وقف فوري لإطلاق النار.
وأوضح ميدينسكي أن روسيا جلبت جثث 1212 جندياً أوكرانياً قضوا في القتال إلى «منطقة التبادل». ويُشكِّل ذلك الدفعة الأولى من أصل 6 آلاف جثة.
وأكّدت موسكو، السبت، أنها أرسلت لأوكرانيا لائحةً قالت الأخيرة إنها «لا تتوافق» مع شروط الاتفاق.
ومن المفترض الإفراج عن ألف أسير من كل جانب، في أكبر عملية تبادل منذ بدء الحرب قبل أكثر من 3 سنوات.
وأوضح ميدينسكي: «نحث كييف على التزام الجدول الزمني بحذافيره، فضلاً عن كل الاتفاقات المبرمة، وبدء عملية التبادل فوراً».
ولم تعلق كييف فوراً على الاتهام.
بعد مباحثات إسطنبول، قال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، إن التبادل سيحصل خلال عطلة نهاية الأسبوع، بينما أكدت روسيا أنها جاهزة لأيام السبت والأحد والاثنين.
وفيما يتعلق بجثث الجنود، دعا المفاوض الروسي، فلاديمير ميدينسكي، كييف إلى «استعادة جثث 6 آلاف جندي أوكراني»، من بينها «1212 جثة موجودة في موقع التبادل». وردَّت أوكرانيا بأنه «لم يُحدَّد أي موعد بعد».
استهداف خاركيف
وتأتي تلك الاتهامات بعد ضربات روسية واسعة النطاق، ليل الجمعة السبت، في أوكرانيا، بعدما تعهَّدت موسكو بالرد على تدمير جزء من أسطولها الجوي القتالي.
وأطلقت روسيا وابلاً من الصواريخ والطائرات المسيَّرة على مناطق أوكرانية عدة في وقت مبكر السبت، ما أسفر عن مقتل 5 أشخاص على الأقل.
وتُواصل موسكو تعزيز تقدمها على خط الجبهة، تزامناً مع محادثات سلام في إسطنبول فشلت في التوصُّل إلى وقف لإطلاق النار في الحرب التي بدأت مع الغزو الروسي لأوكرانيا في مطلع عام 2022.
وحضَّ وزير الخارجية الأوكراني، أندري سيبيها، حلفاء بلاده الغربيين على تحميل روسيا تبعات رفضها الهدنة.
وقال: «لوضع حدٍّ للقتل والتدمير الروسيَّين، المطلوب فرض مزيد من الضغط على موسكو، ومزيد من الخطوات لتقوية أوكرانيا».
وأفادت القوات الجوية الأوكرانية بأن روسيا أطلقت، ليل الجمعة السبت، 206 طائرات مسيَّرة و9 صواريخ، مشيرة إلى أن «الهجوم الجوي تمَّ التصدي له من قبل سلاح الطيران، وقوات الدفاع الجوي الصاروخي والحرب الإلكترونية والأنظمة المسيّرة» وغيرها من الوسائل.
وطالت الهجمات الروسية، فجر السبت، خصوصاً خاركيف (شمالي شرق) ثاني كبرى مدن أوكرانيا، وخيرسون (جنوب).
وأفاد رئيس بلدية خاركيف، إيغور تيريخوف، بأن روسيا أطلقت 48 طائرة مسيَّرة وصاروخين و4 قنابل موجهة قبيل فجر السبت، مشيراً إلى أن حجم الهجوم كان غير مسبوق منذ بدء الحرب. وكتب على «تلغرام»: «تشهد خاركيف حالياً أقوى هجوم منذ بداية الحرب الشاملة».
وأفاد تيريخوف بأن القصف أسفر عن مقتل 3 أشخاص وإصابة 17، متحدثاً عن دوي «ما لا يقل عن 40 انفجاراً في المدينة» خلال ساعة ونصف الساعة. وأوضح حاكم خاركيف، أوليغ سينيبوغوف، أن بين الجرحى طفلين.
وكان ما لا يقل عن 18 شخصاً بينهم 4 أطفال، أُصيبوا في ضربات على خاركيف في شمال شرقي أوكرانيا، تسبَّبت باشتعال النيران في مبنى سكني.
وفي مدينة خيرسون (جنوب)، قُتل شخصان في ضربة استهدفت مبنى، بحسب ما أفاد حاكم المنطقة، أولكسندر بروكودين.
وفي منطقة دنيبرو بوسط أوكرانيا، أفاد الحاكم الإقليمي، سيرهي ليساك، بإصابة امرأتين في الـ45 والـ88 بجروح، مشيراً إلى أن القوات العسكرية اعترضت 27 طائرة مسيَّرة وصاروخين أطلقتها روسيا ليلاً.
وفي لوتسك (غرب) قرب الحدود مع بولندا، عثر عناصر الإنقاذ، السبت، على جثة ضحية ثانية قضت في قصف تعرَّضت له المدينة الجمعة. وأشارت السلطات إلى أن القتيلة شابة في العشرينات.
وبذلك، ارتفعت حصيلة الضربات التي شنّتها روسيا على مناطق أوكرانية عدة ليل الخميس الجمعة، إلى 5 قتلى.
ضربات أوكرانية
من جهتها، أفادت وزارة الدفاع الروسية، السبت، بأنها أسقطت 36 طائرة مسيَّرة أطلقتها كييف نحو مناطق عدة.
وأكدت موسكو، الجمعة، أن النزاع «قضية وجودية» بالنسبة إليها، بعدما شنَّت هجوماً ضخماً خلال الليل، أدرجته في إطار «الرد» على هجمات كييف الأخيرة.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف، للصحافيين، الجمعة: «بالنسبة إلينا إنها قضية وجودية، قضية تتعلق بمصلحتنا الوطنية وأمننا ومستقبلنا ومستقبل أطفالنا وبلدنا».
وتعهَّد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بالرد على هجوم أوكراني بطائرات مسيَرة دمَّر قاذفات قادرة على حمل رؤوس نووية، في هجوم على قواعد جوية تبعد مئات الكيلومترات من الحدود.
كذلك، اتهمت موسكو كييف، الثلاثاء، بالوقوف وراء تفجيرات طالت جسوراً في مناطق محاذية للحدود في نهاية الأسبوع الماضي، وتسببت بخروج قطار ركاب وقطار شحن وقطار مراقبة عن السكة، ما أسفر عن مقتل 7 أشخاص، عادة أن هدفها تقويض مباحثات السلام بين البلدين.
وتسعى أوكرانيا إلى التوصُّل لهدنة فورية وغير مشروطة لمدة 30 يوماً، وقدمت آخر مقترحاتها إلى موسكو خلال محادثات السلام في إسطنبول، الاثنين.
لكن روسيا رفضت مراراً الدعوات إلى وقف إطلاق النار. ومنذ بدئها الغزو، قُتل عشرات الآلاف من الأشخاص ودُمِّرت مساحات شاسعة من شرق وجنوب أوكرانيا وأُجبر الملايين على النزوح.
ويشي تصعيد المعارك بابتعاد احتمالات التهدئة بعد أكثر من 3 سنوات على بدء الغزو العسكري الروسي، رغم دعوات أوكرانيا والغرب إلى وقف فوري لإطلاق النار، وضغوط الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإجراء مفاوضات وإنهاء الحرب.
وباتت روسيا تسيطر على نحو 20 في المائة من أراضي أوكرانيا، من بينها شبه جزيرة القرم التي ضمتها في عام 2014.