إيقاف عمليات مداهمة المهاجرين في المزارع والفنادق والمطاعم بعد تسببها بأضرار

أصدرت وزارة الداخلية الأميركية وإدارة الهجرة والجمارك توجيهات مفاجئة إلى القادة الإقليميين في إدارة الهجرة والجمارك، تدعو إلى وقف المداهمات والاعتقالات في القطاع الزراعي والفنادق والمطاعم إلى حد كبير. ويعد هذا الجهاز الجهة المسؤولة عموماً عن التحقيقات الجنائية، بما في ذلك عمليات مواقع العمل، والمعروفة باسم تحقيقات الأمن الداخلي. وهو ما عُدّ تحولاً كبيراً في قضية لطالما شكلت جوهر حملة الرئيس دونالد ترمب الانتخابية ورئاسته، ما يشير إلى خطورة الانعكاسات التي سببتها سياسات الهجرة المتشددة التي تنفذها إدارته، والضرر اللاحق ليس فقط على تلك القطاعات، بل والدوائر الانتخابية التي لا يريد خسارتها، سواء في ولايات جمهورية أو ديمقراطية.
وبعدما أشار ترمب، هذا الأسبوع، إلى الضرر الذي يلحق بالمزارعين الأميركيين وشركات الضيافة، حوّلت إدارته بشكل مفاجئ مسار حملات الترحيل الجماعي، بعد تصاعد الاحتجاجات من قادة ومديري تلك القطاعات والشركات في لوس أنجليس، جراء المداهمات التي نفذتها قوات إنفاذ القانون ضد المهاجرين. وأُرسلت هذه التوجيهات يوم الخميس من المسؤول الكبير في إدارة الهجرة والجمارك الأميركية تاتوم كينغ، إلى القادة الإقليميين في إدارة الهجرة والجمارك الأميركية. وكتب كينغ في الرسالة: «بدءاً من اليوم، يُرجى تعليق جميع تحقيقات/عمليات إنفاذ القانون في مواقع العمل المتعلقة بالزراعة (بما في ذلك تربية الأحياء المائية ومصانع تعبئة اللحوم) والمطاعم والفنادق العاملة».
وأوضحت الرسالة التي نشرتها صحف أميركية عدة أن التحقيقات المتعلقة بـ«الاتجار بالبشر وغسل الأموال وتهريب المخدرات إلى هذه القطاعات تبقى قائمة». لكنها نصت بشكل حاسم على عدم اعتقال «المشتبه بهم غير الجنائيين»، في إشارة إلى الأشخاص الذين لا يحملون وثائق ولكن لم يسجل بحقهم ارتكاب أي جريمة.
وأكدت وزارة الأمن الداخلي هذه التوجيهات، حيث قالت المتحدثة باسمها، تريشيا ماكلولين، في بيان: «سنتبع توجيهات الرئيس ونواصل العمل على إبعاد أسوأ المجرمين الأجانب غير الشرعيين عن شوارع أميركا».
وكانت إدارة ترمب قد شددت خلال الأشهر السابقة على أنها ستستهدف جميع المهاجرين غير الشرعيين تنفيذاً لوعده الانتخابي بالترحيل الجماعي. وشنت أجهزة الأمن الخاصة التي تعرف بـ«أيس»، «غارات» ومداهمات في العديد من المدن الأميركية الكبرى، ما تسبب بحالة من الهلع والخوف، ليس فقط في صفوف المهاجرين غير الشرعيين، بل والأميركيين والمقيمين شرعياً، بسبب عشوائية الإجراءات والاعتقالات التعسفية التي تعرض البعض لإجراءات طوية في مراكز الاحتجاز قبل جلاء وضعهم القانوني. وبينما أعلنت الإدارة أنها ستستهدف في البداية المهاجرين غير الشرعيين ذوي السجلات الجنائية، توسّعت في الأسابيع الأخيرة لتشمل مداهمة مواقع العمل وحملات اعتقال واسعة النطاق للمهاجرين غير الشرعيين الآخرين.
وأقر ترمب، الذي يمتلك أيضاً فنادق فاخرة، بأن هذه الإجراءات الصارمة قد تُنفّر هذه الصناعات. وكتب، الخميس، على منصته «تروث سوشيال» قائلاً: «يُصرّح مزارعونا العظماء والعاملون في قطاع الفنادق والترفيه بأن سياستنا الصارمة للغاية بشأن الهجرة تُبعد عنهم عمالاً مهرة وقدامى، ويكاد يكون من المستحيل استبدالهم». وقال إن وزيرة الزراعة بروك رولينز أبلغته عن قلق المزارعين إزاء تأثير تطبيق إجراءات إدارة الهجرة والجمارك على أعمالهم، وذلك وفقاً لما نقلته صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤول في البيت الأبيض وشخص مُطّلع على الأمر.
وفي الأسابيع الأخيرة، تصاعدت المخاوف والاحتجاجات حتى من قبل الجمهوريين في الولايات الريفية، بشأن تأثير الإجراءات الصارمة على القطاع الزراعي الذي يعتمد بشكل كبير على المهاجرين، بمعزل عن وضعيتهم القانونية.
ويأتي قرار وقف تلك المداهمات خصوصاً في مواقع العمل في وقت حرج، بعدما تسببت مداهمات مصانع الملابس في لوس أنجليس بكاليفورنيا بموجة الاحتجاجات العنيفة التي شهدتها المدينة منذ الأسبوع الماضي. وكان نائب كبير موظفي البيت الأبيض، ستيفن ميلر، قد دعا إلى اعتقالات يومية «حدها الأدنى 3 آلاف شخص»، لتبلغ في الأسابيع الأخيرة أكثر من ألفي معتقل، بعدما استهدفت المطاعم والمصانع والشركات في جميع أنحاء البلاد.